كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
ذكر خبر أبي مسلم الخراساني وابتداء أمره
قال ابن الأثير الجزري في تاريخه الكامل ، قد اختلف الناس في أمر أبي مسلم ، فقيل كان حراً ، وكان اسمه إبراهيم بن عثمان بن بشار بن سدوس بن جود زده من ولد بزرجمهر ويكنى أبا إسحاق ، ولد بأصفهان ونشأ بالكوفة ، وكان أبوه أوصى إلى عيسى بن موسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين ، فلما اتصل بإبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله الإمام قال له : غير اسمك فإنه لا يتم لنا الأمر إلا بتغيير اسمك ، على ما وجدته في الكتب ، فسمى نفسه عبد الرحمن بن مسلم وكان يكنى أبا مسلم ، ومضى لشأنه ، وله ذؤابة وهو على حمار بإكاف وله تسع عشرة سنة ، وزوجه إبراهيم الإمام ابنة عمران بن إسماعيل الطائي المعروف بأبي النجم ، هذا نسبه على زعم من يقول إنه حر ، ولما تمكن وقوي أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس ، وكان من حديث سليط هذا أن عبد الله بن عباس كان له جارية مولدة صفراء تخدمه ، فواقعها مرة ثم تركها دهراً ، فاستنكحت عبداً من أهل المدينة فولدت له غلاماً ، فاستعبده عبد الله بن عباس وسماه سليطاً ، فنشأ جلداً ظريفاً وخدم ابن عباس ، ثم صار له من الوليد بن عبد الملك منزلة ، فادعى أنه من ولد عبد الله بن عباس ، وأعانه الوليد على ذلك لما كان في نفسه من علي بن عبد الله بن عباس ، وأمره بمخاصمته فخاصمه ، واحتال في شهود على إقرار عبد الله أنه ولده ، فشهدوا بذلك عند قاضي دمشق ، واتبع القاضي رأي الوليد في ذلك ، فأثبتت نسبه وخاصم علياً في الميراث . وأما من زعم أنه كان عبداً فإنه حكى ، أن بكير بن ماهان كان كاتباً لبعض عمال السند ، فقدم الكوفة فاجتمع بشيعة بني العباس ، فغمز بهم فحبس وخلي عن الباقين ، وكان في الحبس أبو عاصم يونس ، وعيسى بن معقل العجلي ومعه أبو مسلم يخدمه ، فدعاهم بكير إلى رأيه فأجابوه ، ثم قال لعيسى بن معقل : ما هذا منك ؟ قال : هو مملوك ، قال : أتبيعه ؟ قال : هو لك ، قال : أحب أن تأخذ ثمنه ، قال هو لك بما شئت ، فأعطاه أربعمائة درهم ، ثم خرجوا من السجن ، فبعث به بكير إلى إبراهيم الإمام ، فدفعه إبراهيم إلى موسى السراج فسمع منه وحفظ ، ثم صار يتردد إلى خراسان .

الصفحة 8