كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 83 """"""
ودخلت سنة تسع وستين ومائة .
ذكر وفاة أبي عبد الله المهدي
كانت وفاته في يوم الخميس لثمان بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة بماسبذان ، وسبب خروجه إليها أنه كان عزم على خلع ابنه موسى الهادي من ولايه العهد ، والبيعة للرشيد وتقديمه على الهادي ، فبعث إليه في ذلك وهو بجرجان فلم يفعل ، فاستقدمه فضرب الرسول وامتنع ، فسار المهدي إليه ، فلما بلغ ماسبذان قال لأصحابه : إني أريد النوم فلا توقظوني حتى أكون أنا الذي أنتبه ، ونام ونام أصحابه فاستيقظوا ببكائه فأتوه مسرعين ، وسألوه عن سبب بكائه فقال : وقف على الباب رجل فقال :
كأني بهذا القصر قد باد أهله . . . وأوحش منه ربعه ومنازله
وصدر عميد القوم من بعد بهجة . . . وملك إلى قبر عليه جنادله
فلم يبق إلا ذكره وحديثه . . . تنادي عليه معولاتٍ حلائله
فمات بعد ذلك بعشرة أيام . وقد اختلف في سبب موته ، فقيل إنه كان يتصيد فطردت الكلاب ظبياً وتبعته ، فدخل باب خربة ودخلت الكلاب خلفه ، وتبعها فرس المهدي فدخلها ، فدق الباب ظهره فمات من ساعته . وقيل : بل بعثت جارية من جواريه إلى ضرة لها بلبن فيه سم ، فشرب منه فمات . وقيل : بل عمدت جاريته حسنة إلى كمثرى ، فأهدته إلى طلة جاريته الأخرى ، وجعلت السم في أبهى كمثراة فيه ، فاجتاز بالمهدي فأخذ تلك الكمثراة المسمومة فأكلها ، فلما وصلت إلى جوفه صاح ومات منها ، فكانت الجارية تقول في بكائها عليه : أردت أن أنفرد بك فأوحشت نفسي منك ، ومات في يومه وصلى عليه ابنه الرشيد ، ومات وله من العمر ثمان وأربعون سنة وقيل ثلاث وأربعون ، وكانت مدة خلافته عشر سنين وتسعة وأربعين يوماً ، ودفن تحت جوزة كان يجلس تحتها .
وكان أبيض طويلاً وقيل أسمر ، حسن الوجه بعينه اليمنى نكتة بياض .