كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 84 """"""
ذكر شيء من سيرته وأخباره
كان جواداً حازماً وصولاً يباشر الأمور بنفسه ، وكان كثير الولاية والعزل لغير سبب ، ورد على الناس الأموال التي أخذها أبوه . وكان إذا جلس للمظالم قال : أدخلوا علي القضاة ، فلو لم يكن ردي للمظالم إلا للحياء منهم . وقال الحسن الوصيف : أصابتنا ريح شديدة أيام المهدي حتى ظننا أنها تسوقنا إلى المحشر ، فخرجت أطلب المهدي فوجدته قد وضع خده بالأرض ، وهو يقول : اللهم احفظ محمداً في أمته ، اللهم لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم ، اللهم إن كنت أخذت هذا العالم بذنبي فهذه ناصيتي بين يديك ، قال فما لبثنا إلا يسيراً حتى انكشفت الريح وانجلى ما كنا فيه .
قال الربيع : رأيت المهدي يصلي في ليلة مقمرة ، فقرأ قوله تعالى : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " ، قال : فأتم صلاته والتفت إلي وقال : يا ربيع ، موسى ، فقلت في نفسي ما هو إلا موسى بن جعفر وكان محبوساً عندي فأحضرته ، فقطع صلاته ثم قال : يا موسى إني قرأت هذه الآية ، فخفت أن أكون قد قطعت رحمك ، فوثق لي أنك لا تخرج فوثق له ، وخلى المهدي سبيله .
قال : وبنى المهدي العلمين في المسعى . أولاده : موسى الهادي وهارون الرشيد وعلي وعبد الله ومنصور ويعقوب وإسحاق وإبراهيم والبانوقة وعلية وعباسة وسليمة . ووزراؤه : أبو عبيد الله معاوية بن عبيد الله الأشعري ثم يعقوب بن داود بن طهمان ثم نكبه على ما ذكرناه ، واستوزر الفيض بن أبي صالح . قضاته : محمد بن عبد الله بن علاثة ، وعافية بن يزيد وكانا يقضيان في مسجد الرصافة . حجابه : سلام الأبرش ، وقيل إن الفضل بن الربيع حجبه . الأمراء بمصر : عيسى بن لقمان بن محمد بن حاطب الحميمي ثم صرفه وولى واضحاً مولى أبي جعفر المنصور ثم صرفه وولى أبا صالح يحيى بن داود الحرشي من أهل نيسابور ثم سالم بن سوادة التميمي ثم إبراهيم بن صالح ابن علي بن عبد الله عباس ثم موسى بن مصعب من أهل الموصل ثم الفضل بن صالح الهاشمي . القضاة بها : عبد الله بن لهيعة ثم إسماعيل بن اليسع الكندي الكوفي وهو أول حنفي ولي القضاء بها ثم غوث بن سليمان ثم توفي فولي القضاء المفضل بن فضالة . وكان نقش خاتم المهدي حسبي الله .