كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 10)

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ نِسَاءَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ وَهُنَّ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي قُحَافَةَ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُحِبِّينَنِي"؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَأَحِبِّيهَا"، قَالَ: فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ (¬١)، فَأَخْبَرَتْهُنَّ مَا قَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: فَقُلْنَ إِنَّكِ لَمْ تَصْنَعِي شَيْئًا، فَارْجِعِي إِلَيْهِ، قَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبَدًا - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَتْ (¬٢) بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا - فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي (¬٣) مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: إِن أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ وَهُنَّ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي قُحَافَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ فَشَتَمَتْنِي، قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أُرَاقِبُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأَنْظُرُ طَرْفَه، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِي أَنْ أَنْتَصِرَ مِنْهَا، قَالَتْ: فَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَشَتَمَتْنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ مِنْهَا، فَاسْتَقْبَلْتُهَا، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ أَفْحَمْتُهَا (¬٤)، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ"، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً خَيْرًا، وَأَكْثَرَ صَدَقَةً، وَأَوْصلَ لِلرَّحِمِ، وَأَبْذَلَ لِنَفْسِهَا فِي كُلِّ شَيءٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ زَيْنَبَ، مَا عَدَا سَوْرَةً (¬٥) مِنْ غَرْبَةِ حَدٍّ (¬٦) كَانَ فِيهَا يُوشِكُ مِنْهَا الْفَيْئَةُ.
• [٢٢٠٠٤] أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ
---------------
(¬١) في (ف): "إليهم"، والمثبت من (س).
(¬٢) في (س): "فكانت"، والمثبت من (ف).
(¬٣) تساميني: تعاليني وتفاخرني، وهو مفاعلة من السمو، أي: تطاولني في الحظوة عنده. (انظر: النهاية، مادة: سما).
(¬٤) الإفحام: السكوت. (انظر: اللسان، مادة: فحم).
(¬٥) السورة: هيجان الغضب وثورانه. (انظر: المشارق) (٢/ ٧٠).
(¬٦) قوله: "غربة حد" كذا في (ف)، (س)، وفي "مسند أحمد" (٢٥٨١٣)، "مسند إسحاق" (٨٦٨) كلاهما، عن عبد الرزاق: "غَرب حَد"، وفي "شرح السنة" للبغوي (٣٩٦٤) من طريق الدبري، عن عبد الرزاق: "غَرب حِدة"، وينظر: "شرح صحيح مسلم " للنووي (١٥/ ٢٠٦).
الحد: الحد والحدة سواء من الغضب. (انظر: النهاية، مادة: حدد).

الصفحة 443