كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 10)

لَهُ فَقَطَعَ مِنْهَا عَذْقًا، فَقَرَّبَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ دَخَلَ غَنَمَهُ فَأَخَذَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اجْتَنِبِ الدَّرَّ (¬١) "، قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَزَعَ: "إِذَا جَاءَنَا سَبْيٌ فَأْتِنَا"، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - سَبْيٌ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ إِلَّا عَبْدَانِ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ"، قَالَ: بَلْ أَنْتَ، فَخِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَمَسَحَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ يَقُولُ: "الْمُسْتَشَارُ أَمِينٌ، الْمُسْتَشَارُ أَمِينٌ، خُذْ هَذَا - لِأَحَدِهِمَا -؛ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي".
• [٢٢٠٢٤] أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ مَجْلِسُ عُمَرَ مُغْتَصًّا مِنَ الْقُرَّاءِ شَبَابًا كَانُوا أَوْ كُهُولًا، فَرُبَّمَا اسْتَشَارَهُمْ فَيَقُولُ: لَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ (¬٢) حَدَاثَةُ سِنِّهِ أَنْ يُشِيرَ بِرَأْيِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ عَلَى حَدَاثَةِ السِّنِّ وَلَا قِدَمِهِ، وَلكنَّ اللَّهَ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، قَالَ: وَكَانَ يُجَالِسُهُ ابْنُ أَخٍ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصنٍ، قَالَ: فَجَاءَ عُيَيْنَةُ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَقُولُ الْعَدْلَ، وَلَا تُعْطِي الْجَزْلَ (¬٣)، قَالَ: فَهَمَّ عُمَرُ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ أَخِيهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} * [الأعراف: ١٩٩]، وإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالَ: فَتَرَكَهُ عُمَر، فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ جَاءَهُ عُيَيْنَة، فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ أَعْطَانَا فَأَغْنَانَا، وَأَخْشَانَا (¬٤) فَأَتْقَانَا.
---------------
(¬١) الدر: اللبن. (انظر: النهاية، مادة: درر).
(¬٢) في (ف)، (س): "أحد منكم"، والمثبت من "جامع بيان العلم وفضله" (١٠٧٠) نقلًا عن المصنف، به، وكذا هو عند ابن الأزرق الغرناطي في "بدائع السلك في طبائع الملك" (ص ٣١٣) عن الزهري، به.
(¬٣) الجزل: العطاء الكثير. (انظر: النهاية، مادة: جزل).
* [ف/٢٠٤ أ].
(¬٤) ليس في (ف)، (س)، واستدركناه من "الطبقات الكبرى - متمم الصحابة، الطبقة الرابعة" لابن سعد (ص ٥٦٣)، "المعارف" لابن قتيبة (ص ٣٠٤)، "أنساب الأشراف" للبلاذري (١٠/ ٣٣٢)، "العقد الفريد" لابن عبد ربه (٥/ ٢٣)، "المؤتلف والمختلف" للدارقطني (٣/ ١٦٠٢)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (٣/ ١٢٥٠)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (٢/ ١٩٠).

الصفحة 451