كتاب علو الهمة

وكان عليها أربعة آلاف درهم، وسيف من سيوف على بن أبي طالب. وعن سعيد بن عبد العزيز أن الحسن بن على بن أبي طالب -رضي الله عنهما- سمع رجلًا إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف، فبعث بها إليه.
وعن أبي سعيد عن شيخ له قال: رأيت ابن المبارك يَعَضُّ يد خادم له، فقلت له: "تعض يَدَ خادِمِكَ؟ " قال: "كم آمره أن لا يَعُدَّ الدراهم على السُّؤال (¬1)، أقول له: اُحث لهم حَثْوًا".
ومن شرف النفس ومعرفة قدرها، قول "الأبيوردي":
رأت أميمة أطماري (¬2) وناظرها ... يعوم في الدمع منهلا بوادِرُه
وما درت أن في أثنائها رجلًا ... ترخى على الأسد الضارى غدائره (¬3)
أغر في ملتقى أوداجه صيد ... حمر مناصله (¬4) بيض عشائره (¬5)
إن رَثَّ بردي (¬6) فليس السيف محتفلاً ... بالغمد (¬7) وهو وميض الغرب باتره (¬8)
¬__________
(¬1) السُّؤال: طالبو الصدقة.
(¬2) أطمار: جمع طِمْر، الثوب الخلَق البالي.
(¬3) غدائر: جمع غديرة، الذؤابة المضفورة من الشعر.
(¬4) مناصل: جمع مُنْصُل، وهو السيف.
(¬5) عشائر: جمع عشيرة، وعشيرة الرجل: بنو أبيه الأقربون، وقبيلته، ويقال: فلان أبيض أي: نقيُّ العِرض.
(¬6) رَثَّ: بَلي، والبُرْدُ: كساء مخطط يُلْتَحَفُ به.
(¬7) الغِمْد: غِلاف السيف.
(¬8) الغربُ: أول كل شيء وحَدُّه، يقال: غرب السيف، والسكين، والفأس،
ونحو ذلك، وسيف غرب: قاطع، حاد، والوميض: اللمعان، والباتر:
القاطع.

الصفحة 105