أما السنة الشريفة: فحدِّث ما شئت عن علو همة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتسابقهم إلى المعالي، كيف لا وقد أوصاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" (¬1)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها، فليغرسها" (¬2)، ورُوي عنه أنه كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: "وأسألك العزيمة على الرشد" (¬3)، وكان يتعوذ بالله من "العجز والكسل" (¬4)، وقال لأصحابه - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سَفْسافها " (¬5)، وطمأن أهل الهمة العالية بأن الله -عز وجل- يمدهم بالمعونة على قدر سمو هممهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المؤنة) (¬6) الحديث، وبين أن أكمل حالات المؤمن ألا يكون له هم إلا الاستعداد للآخرة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شملَه، وأتته
¬__________
(¬1) رواه مسلم.
(¬2) رواه الإمام أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد"، وصححه الألباني.
(¬3) رواه الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه -، وضعفه الألباني.
(¬4) أصل الحديث متفق عليه من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(¬5) رواه الطبراني من حديث الحسين بن علي -رضي الله عنهما -، وصححه الألباني، وقال المناوي في شرح "معالي الأمور": [وهي الأخلاق الشرعية، والخصال الدينية لا الأمور الدنيوية، فإن العلو فيها نزول] اهـ.
من "فيض القدير" (2/ 295).
(¬6) أخرجه البزار من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -، وانظر "الصحيحة" رقم (1664).