كتاب علو الهمة

فَقلت لَه لَا تَبكِ عَينكَ إنَّمَا ... نُحَاوِل مُلْكًا أو تَمُوتَ فَنُعْذَرا
لقد ضيَّع حياته أولاً في المتع والشهوات، وقضى شطر عمره الثاني في طلب الملك الضائع، وانتهت حياته، ولم يحصِّل مطلوبه، ومات كما مات المتنبي من بعده، طلبًا الملك والإمارة، فأعياهما الطلب) اهـ (¬1). بتصرف.
وما أكثر الذين طلبوا الملك للرياسة، وألحوا في طلبه، فحامت حوله همتهم، وطافت به عزيمتهم: كان "الأبيوردي" يدعو عقب كل صلاة: "اللهم مَلِّكني مشارق الأرض ومغاربها" (¬2)، وله في ذلك الأشعار الفائقة، التي تكشف عن شخصية ونفسية شديدة الشبه بشخصية المتنبي.
وقيل ليزيد بن المهلب: "ألا تّبني دارًا؟ "، فقال: "منزلي دار الإمارة أو الحبس".
وقال آخر:
وعِش مَلِكًا أو مُت كريمًا، وإن تمت ... وسيفُك مشهور بكفِّك تُعْذَرِ
...
¬__________
(¬1) "مقاصد المكلفين" للدكتور عمر الأشقر ص (366 - 368)، وهو من نفائس الكتب الجديرة بالمدارسة، لا يكاد يستغني عنه مسلم.
(¬2) "فكر ومباحث" للشيخ علي الطنطاوي ص (196).

الصفحة 22