كتاب علو الهمة

في جنان الخلد والفردوس في دار السلام ... وعروسًا فاقت الشمس مع بدر التمام
طرفها يشرق بالخط مضيًا بالسهام ... ولها صدغ على خد كتون تحت لام
أحسن الأتراب قدًّا في اعتدال وقوام ... مهرها من قام ليلاً وهو يبكي في الظلام وقد لا يتسنى له إدراك بغيته، وتحقيق غايته لأمور خارجة عن إرادته، فلا يفل ذلك من عزيمته، ولا يحط من همته، بل يعزي نفسه أنه أدَّى ما عليه، وأعذر إلى نفسه:
* ومُبْلِغُ نفسٍ عُذرَها مِثْلُ مُنْجِح *
قال الطائي:
وركب كأطراف الأسنة عرَّسوا ... على مثلها، والليل تسطو غياهِبُهْ
لأمرٍ عليهم أن تتم صدورُه ... وليس عليهم أن تتمَّ عواقبه
وقال آخر:
سأضرب في طول البلاد وعوضها ... أنال مرادي أو أموت غريبا
فإن تلفت نفسي فلله دَرُّها ... وإن سلمت كان الرجوع قريبا
آخر:
عَجِبْتُ لهم قالوا: تماديت في المنى ... وفي المثُلِ العُليا، وفي المرتقى الصعبِ
فالقصر، ولا تُجْهِدْ يراعَك إنما ... ستبذر حَبًّا في ثرًى ليس بالخصبِ
فقلت لهم: مهلاً، فما اليأس شيمتي ... سأبذر حَبي، والثمارُ من الربِّ
إذا أنا أبلغت الرسالة جاهدًا ... ولم أجد السمع المجيب فما ذنبي (*)؟
¬__________
(*) فالداعية العالي الهمة يتمثل دومًا قول الصالحين قبله: {معذرةً إلى ربكم ولعلهم يتقون}، فإن لم يستطع الدعاة تحقيق كل غاياتهم فحسبهم أنهم كانوا كما قال سيد قطب رحمه الله: (أجراء عند الله، أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا: =

الصفحة 33