كتاب علو الهمة

"إن ربكم يقول: إنني أنا الله وحدي لا شريك لي، كنت إذ لم يكن شيء، وإن رحمتي أدركتكم فبعثت إليكم هذا الرجل، لأدلكم على السبيل التي بها أنجيكم بعد الموت من عذابي، ولأحلَّكم داري، دارَ السلام، فنشهد عليه أنه جاء بالحق من عند الحق، وقال. من تابعكم على هذا، فله ما لكم، وعليه ما عليكم، ومن أبي فاعرضوا عليه الجزية، ثم امنعوه مما تمنعون منه أنفسكم، ومن أبي فقاتلوه، فأنا الحكَمُ بينكم، فمن قُتِلَ منكم أدخلتُه جنتي، ومن بقي منكم أعقبته النصر على مَنْ ناوأه، فاختر إن شئت الجزية عن يدٍ وأنت صاغر، وإن شئتَ فالسيف، أو تُسْلِم فتنجي نفسك"، فقال: "أتستقبلني بمثل هذا؟ "، فقال: "ما استقبلتُ إلا مَن كلَّمني، ولو كلمني غيرك، لم أستقبلك به"، فقال: "لولا أن الرسلَ لا تُقتل لقتلتكم، لا شىء لكم"، وقال: "ائتوني بوِقْرٍ من تراب"، فقال: "احملوه على أشرف هؤلاء، ثم سوقوه حتى يخرج من باب المدائن، ارجعوا إلى صاحبكم فأعلموه أني مرسل إليكم رستم، حتى يدفيكم (¬1)، ويدفيه في خندق القادسية، وينكل به وبكم من بعدُ، ثم أوردُه بلادَكم، حتى أشغلكم في أنفسكم بأشدَّ مما نالكم من سابور"، إلى آخر القصة.
وفيها: "أن عاصم بن عمرو احتمل وقر التراب، واعتره فألا على الظفر بأرضهم، كما تطير منه رستم على أنه علامة أن الله سلبهم أرضهم وأبناءهم للمسلمين.
ثم إن كسرى بعث أهل فارس بعددهم وعُدَدِهم وعلى رأسهم رستم، حتى إذا نزل رستم "بالعقيق" على منقطع معسكر المسلمين، راسل
¬__________
(¬1) دفوت الجريح وأدفيته: أجهزتُ عليه.

الصفحة 87