كتاب بصائر في الفتن

إذا أُمِّرتِ السفهاء، وبيع الحُكْمُ، وتُهُوِّنَ بالدم، وقُطعت الأرحام، وكَثُرت الجلاوزة (¬1)، ونشأ نشء يتخذون القرآن مزامير" (¬2).
ورُوي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "سيأتي عليكم زمانٌ، لو وجد أحدُكم الموتَ يُباعُ، لاشتراه".
وقد قيل:
وهذا العيشُ ما لا خير فيه ... ألا موتٌ يُباع فأشتريه
وعن عبد الرحمن بن عمر قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، وسُئل عن الرجل يتمنى الموت؛ قال: "ما أرى بذلك بأسًا: إذ يتمنى الموتَ الرجلُ، مخافة الفتنة على دينه؛ ولكن: لا يتمنى الموت من ضربة أوفاقة، أو شيء مثل هذا"؛ ثم قال عبد الرحمن: "تمنى الموتَ أبو بكر وعمر ومَن دونهما"؛ وسمعته ونحن مقبلون من جنازة عبد الوهاب؛ فقال: "إني لأشم ريح فتنة، إني لأدعو الله أن يسبقني بها"؛ وسمعته يقول: "كان لي إخوان، فماتوا ودُفِعَ عنهم شَرُّ ما نرى، وبقينا بعدهم؛ وما بقي لي أخ، إلا هذا الرجل يحيي بن سعيد؛ وما يُغْبَطُ اليوم: إلا مؤمن في قبره" (¬3).
¬__________
(¬1) الجَلاوزة: الشرطة، مفردها: الجِلواز: الشرطي، كما في "القاموس المحيط" مادة (جلز) (2/ 175).
(¬2) "حلية الأولياء" (1/ 384)، "البداية والنهاية" (8/ 113).
(¬3) "نفس المصدر" (9/ 13).

الصفحة 137