كتاب بصائر في الفتن

وقال الحسن البصريّ -رحمه الله تعالى-: "إنما يُكَلَّمُ مؤمنٌ يُرجَى، أو جاهلٌ يُعَلَّم، فأما من وضع سيفه أو سوطه؛ وقال لك: اتقني اتقني! فما لك وله؟! " (¬1)
وعن الشعبي قال: أغلظ رجلٌ لمعاوية، فقال: "أنهاك عن السلطان، فإن غَضبَه غضبُ الصبي، وأخذَهُ أخذُ الأسد" (¬2).
فَائدَةٌ
مَعْنَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - في الرُّومِ: "إِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ":
قال المستورِدُ القرشي عند عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أكثَرُ النَّاسِ" فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ، قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَمَ، قَالَ: "لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ؛ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا-: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فرَّةٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِين وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الملُوكِ" (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: "حلية الأولياء" (2/ 209)، و"التمهيد" لابن عبد البر (23/ 282)، و"جامع العلوم والحكم" ص (323).
(¬2) "سير أعلام النبلاء" (3/ 153).
(¬3) رواه مسلم في "الفتن" (18/ 22 - نووي)، وحكى الأُبِّيُّ في "إكمال إكمال المُعْلِم" عن القرطبي قوله: "هذه الخلال الأربع الحميدة لعلها كانت في الروم التي أدرك، =

الصفحة 43