وقال الشعبي- لما أُدخل على الحجاج، وكان قد شارك في الفتنة-:
"قد اكتحلنا بعدك السهرَ، وتَحَلَّسْنا الخوفَ، وخبطتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء" (¬1).
ولما أُتي بفيروز بن الحصين إلى الحجاج، قال له: "أبا عثمان! ما أخرجك مع هؤلاء؟ فقال: أيها الأمير! فتنة عَمَّت، فأمر به الحجاج، فضُرِبت عنقه" (¬2).
وقال حماد بن زيد: ذكر أيوبُ السختياني القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث، فقال: "لا أعلم أحدًا منهم قُتِل إلا قد رُغِب عن مصرعه، ولا نجا أحد منهم إلا حَمِد الله الذي سلَّمه، وندِم على ما كان منه" (¬3).
وقال مالكُ بنُ دينار: لقيتُ معبدًا الجهني بمكة بعد ابن الأشعث وهو جريح، وقد قاتل الحجاج في المواطن كلها، فقال: "لقيتُ الفقهاءَ والناسَ، لم أرَ مثل الحسن، يا ليتنا أطعناه"، كأنه نادم على قتال الحجاج (¬4).
وعن أبي قِلابة قال: لما انجلت فتنة ابن الأشعث، كنا في مجلس، ومعنا مسلم بن يسار، فقال مسلم: "الحمد لله الذي أنجاني من هذه الفتنة، فوالله ما رميتُ فيها بسهم، ولا طعنتُ فيها برمحٍ، ولا ضربتُ
¬__________
(¬1) "سير أعلام البلاء" (4/ 306).
(¬2) "وفيات الأعيان" (2/ 38).
(¬3) "الطبقات الكبرى" (7/ 187)، و"المعرفة والتاريخ" للفسوي (2/ 52).
(¬4) "تاريخ مدينة دمشق" (59/ 325).