كتاب فقه أشراط الساعة

قال عمرو بن ميمون -رحمه الله تعالى-: " مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَنَكَسَ " قَالَ: «فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً، أَزْرَارُ قَمِيصِهِ، قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ» قَالَ: أَوْ دُونَ ذَلِكَ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ" (¬1).
وقال إياس بن معاوية لسفيان بن حسين: "احفظ عليَّ ما أقول لك: «إِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَكُذِّبَ فِي حَدِيثِهِ» (¬2).
قال النووي -رحمه الله تعالى-: "معنى كلامه أنه حذره أن يُحدِّث بالأحاديث المنكرة التي يُشَنَّع على صاحبها، ويُنكر، ويُقبح حَال صاحبها فيُكَذَّب أو يُستراب في روياته، فتسقط منزلته، ويذل في نفسه" (¬3) اهـ.
وحَكَمَ كثير من العلماء على من روى حديثًا موضوعًا -دون تنبيه إلى وضعه وتحذير الناس منه- بالتعزير والتأديب؛ فقد قال البخاري في حق أحد هؤلاء: "من حَدَّثَ بهذا؛ استوجب الضرب الشديد، والحبس الطويل"، بل قال يحيى بن معين -لما ذُكِرَ له حديث سويد الأنباري-:
¬__________
(¬1) "صحيح سنن ابن ماجه" رقم (21).
(¬2) رواه مسلم في "المقدمة" (1/ 75 - نووي).
(¬3) "شرح النووي" (1/ 76).

الصفحة 165