كتاب فقه أشراط الساعة

وبعدُ: فهذه أقسام الإسرائيليات، والموقف الصحيح من كل قسم منها، وعلينا الآن أن نتساءل:
هل المنهج الذي سَلَكَهُ العابثون بأشراط الساعة يعكس التزامهم بالضوابط التي وضعها العلماء في حكاية الإسرائيليات؟ والجواب بالنفي:
أولًا: لأن مِن القوم مَن يروون كل ما يقفون عليه منها بغض النظر عن هذا التقسيم.
ثانيًا: ولأن من يقتصرون على حكاية "القسم الثالث" منها (¬1) لا يذكرون ذلك استشهادًا وتحلية -على حد تعبير ابن كثير-، وإنما اعتقادا واستدلالًا واحتجاجًا، بل منهم من يُقْسِمُ على صحة ما فيه، ومنهم من يُعَبِّرُ عن هذه "الإسرائيلياتِ" بالوحي القديمِ (¬2).
وثالثًا: لأنهم عامَّتهم -كما يتضح من كتاباتهم- ليسوا من الراسخين الذين يجوز لهم النظر في كتب أهل الكتاب، كما قال الحافظ ابن حجر (¬3) -رحمه الله تعالى-؛ ولذلك تأتي أقوالهم -بل أقوال الواحد منهم- متعارضة متضاربة، يكذب بعضها بعضا، وينقض آخرها أولها.
ورابعًا: أن منهم من يتجاوز الاستشهاد بالإسرائيليات إلى الاستدلال بها، ثم يزيد الطينَ بِلَّة حين يُضِيفُ إلى ذلك الاستدلالَ بتفسيرات
¬__________
(¬1) راجع ص (180).
(¬2) راجع ص (85).
(¬3) تقدم نقله عنه آنفا (193 - 194).

الصفحة 195