كتاب فقه أشراط الساعة

الْمَوْتُ فَيَقُولَ} الآية [المنافقون: 10]، وعلى هذا قوله: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ} [الأنعام: 40].
وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ، سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: " لَعَلَّهُ، يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (¬1) [الأحقاف: 24] اهـ (¬2)
وقال القرطبي -رحمه الله تعالى-: "قال علماؤنا: واعلم أن كل ميت مات فقد قامت قيامته (¬3)، ولكنها قيامة صغرى وكبرى، فالصغرى: هي ما يقوم كل (¬4) إنسان في خاصته من خروج روحه، وفراق أهله، وانقطاع سعيه، وحصوله على عمله إن كان خيرًا فخير، وإن كان شرًّا فشر، والقيامة الكبرى هي التي تعم الناس وتأخذهم أخذة واحدة" (¬5).
وقد ذكر الله تعالى القيامتين الصغرى والكبرى في القرآن الكريم، فتجده يذكر القيامتين في السورة الواحدة؛ كما في سورة الواقعة؛ فإنه ذكر في أولها القيامة الكبرى، فقال تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)} [الواقعة: 1 - 7].
¬__________
(¬1) رواه مسلم: (14/ 899).
(¬2) "المفردات" ص (434، 435) بتصرف.
(¬3) أي: من مات فقد دخل في حكم الآخرة.
(¬4) كذا، ولعلها: بكل.
(¬5) "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة"، نقلًا عن "القيامة الصغرى"، للأشقر، ص (2).

الصفحة 20