كتاب فقه أشراط الساعة

وقال الإمام مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري -رحمه الله تعالى-: (وفي حديث ابن عمرٍو: "من أشراط الساعة أن يُقرأ فيما بينهم بالَمْثناة، ليس أحد يُغَيرها"، قيل: وما المَثْناة؟ قال: "ما استُكْتِبَ من غير كتاب الله تعالى" (¬1)، وقيل: إن المثناة هي أن أحبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام وضعوا كتابًا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله، فهو المثناة، فكأن ابن عمرٍو كره الأخذ عن أهل الكتاب، وقد كانت عنده كُتُب وقعت إليه يوم اليرموك منهم، فقال هذا لمعرفته بما فيها) اهـ (¬2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ما معناه: (وقد انتفع عُمَرُ -رضي الله عنه- في هذا بما وقع منه حين رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده شيئًا من التوراة، فقال: "لَوْ كَانَ مُوسَى حَيا ثُمًّ تَبعْتُمُوه وَتَرَكْتُمُوني لَضَلَلْتُمُ"، وفي رواية: "مَا وَسِعَه إِلا اتباعِي"، وفي لفظ: "فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا عَرَضَ عليه عمر ذلك، فقال له بعضُ الأنصارِ: يا بنَ الخطَّابِ، ألا ترى إلى وجه رسول الله -صلى الله ص عليه وسلم-؟ فقال عمر: رَضِيْنَا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيُّا"؛ ولهذا كان الصحابَةُ يَنهون عن اتباع كتبٍ غيرِ القرآن) (¬3).
¬__________
(¬1) عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اقتراب -وفي رواية: أشراط- الساعة أن ترفع الأشرار، وتوضعَ الأخيار، وُيفتح القول، وُيخزن العمل، ويُقرأ بالقوم المّثْناةُ، ليس فيهم أحد ينكرها، قيل: وما المثناة؟ قال ما اسْتُكتب سوى كتاب الله -عز وجل-" رواه الحاكم (4/ 554)، وقال الهيثميْ "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح" اهـ. من "المجمع" (7/ 326)، وصححه الألباني في "الصحيحة" رقم (2821).
(¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" (1/ 225 - 226).
(¬3) "مجموع الفتاوى"، (17/ 41).

الصفحة 203