كتاب فقه أشراط الساعة

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أيضًا:
" ... ولما كان القرآن أحسن الكلام؛ نُهُوا عن اتباع ما سواه؛ قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:51]، إلى أن قال -رحمه الله تعالى-: "وروى ابن أبي حاتم، حَدَثَّنَا أبي، حَدَثَّنَا إسماعيلُ بْنُ خليلٍ، حَدًثنَا عَلى بن مسهر، حَدَّثنَا عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عرفطةَ، قال: كنت عند عمرَ بن الخظَاب -رضي الله عنه- إذ أُتِيَ برجلٍ من عبد القيس مَسْكَنُهُ بالسوس، فقال له عمر: "أنت فلانُ بن فلانٍ العبدي؟ " قال: نعم، قال: "وأنت النازلُ بالسوسِ؟ "قال: نعم، فَضَرَبَهُ بقناة معه، فقال له: ما ذنبي؟ قال: فَقَرَأَ عليه: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} فقرأها عليه ثلاث مرات، وضربه ثلاث ضربات، ثم قال له عمر: "أنت الذي انتسخت كتاب دانيال؟ " قال: نعم، قال: "اذهب فامحُهُ بالحميم، والصوف الأبيض، ولا تقرأه، ولا تُقْرِئْهُ أَحَدًا من الناس".
فقرأ عليه عُمَرُ هذه الآية ليبين له أن القرآن أحسن القصص؛ فلا يُحتاج معه إلى غيره، وهذا يدل على أن القصصَ عَامٌّ لا يختصُّ بسورة يوسف، ويدل على أنهم كانوا يعلمون أن القرآنَ أفضل من كتاب "دانيال"، ونحوه من كتب الأنبياء، وكذلك مثل هذه القصة مأثورة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- لَمَّا أُتِيَ بما كُتِبَ من الكُتُبِ مَحَاهُ، وذَكَرَ فضيلةَ القرآنِ كما فعل عُمَرُ -رضي الله عنه-، ثم شَرَعَ -رحمه الله تعالى- في بيان معنى كون القرآن المجيد مهيمنًا على الكتب السابقة إلى أن قال:

الصفحة 204