كتاب فقه أشراط الساعة

له، وطار في غير مطاره" (¬1)، وفي "تفسير المنار": "أضعف ما قيل في هذه الحروف وأسخفه: إن المراد بها الإشارة بأعدادها في حساب الجملة إلى مدة هذه الأمة، أو ما شابه ذلك".
وقال القاضي أبو بكر: "ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور، وقد تحصل لي فيها عشرون قولًا وَأَزْيَدُ، ولا أعرف أحدًا يحكم عليها بعلم، ولا يصل منها إلى فَهْمٍ، والذي أقوله: إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولا، متداولًا عندهم؛ لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ تلا عليهم {حم (1)} [فصلت:1]، {ص} وغيرها، فلم ينكروا ذلك، بل صرحوا بالتسليم له في بالبلاغة، والفصاحة مع تشوقهم إلى عثرة، وحرصهم على زلة؛ فدل على أنه كان أمرًا معروفًا بينهم لا إنكار فيه" (¬2).
إنه لم يُعْرَفْ عن هؤلاء العرب مثل هذه الحسابات العددية لتلك الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية؛ فوجب رد هذه التأويلات التي لم يقصد بها وجه الحق، {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} [الإسراء] (¬3).
وممن استروح لمنهج حساب الجمل الشيخ "طنطاوي جوهري" الذي زَعَمَ إمكانية الرمز، والإشارة بالحروف إلى حساب الجمل، وقد نزل القرآن بذلك؛ ليأخذ الناس في فَهْمهَا؛ "حيث كان اليهود والنصارى
¬__________
(¬1) "تفسير القرآن العظيم" (38/ 1).
(¬2) انظر "الإتقان" (2/ 11).
(¬3) "الحروف المتقطعة" ص (65 - 62).

الصفحة 223