كتاب فقه أشراط الساعة

والحاصل أن تحديد عمر الدنيا بشيء؛ لم يثبت فيه نص في حكم المرفوع (¬1) أبدًا، وكيف يُعقل أن يحدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر الدنيا، وقد أوحى الله تعالى إليه: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]، وقال -عز وجل-: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)} [الزخرف: 85]، والصادق المصدوق الذي تنسب إليه الروايات الواهية في تحديد عمر الدنيا وهو -صلى الله عليه وسلم- منها براء، هو هو القائل لجبريل عليه السلام لما سأله: "متى الساعة؟ ": "ما المسئول عنها بأعلم من السائل"، وقد قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها لا الله .. ولا يعلم متى تقوم الساعة إلَّا الله" متفق عليه.
¬__________
(¬1) أما الآثار المروية في ذلك عن بعض السلف فإنها -مع معارضتها القرآن الكريم- قد دخلت على بعض التابعين أو بعض الصحابة من قِبل مسلمي أهل الكتاب ككعب الأحبار ووهب بن منبه.

الصفحة 239