كتاب فقه أشراط الساعة

وقد كَثُرَ ضرب الأمثال لهذه "النسبية" في الأحاديث النبوية الشريفة؛ ومن المعلوم أن الأحكام لا تؤخذ من الأحاديث التي تَرِدُ لضرب الأمثال؛ كما قال إمام الحرمين -رحمه الله تعالى- (¬1).
قال الأستاذ سعيد حوى -رحمه الله تعالى- في معرض حديثه عن علامات الساعة: "وبعض الناس تَغْلِبُ عليهم أغلاط في فَهْمِ بعض هذه العلامات، أو في تقدير وقتها؛ إذ إن:
- منها ما يكون قرب الساعة بقليل جدًا قبل المسيح بسنوات أو معه، ومنها ما يكون قبل ذلك بكثير جدَّا؛ فيغلطون بالجمع بينهما.
- ومنها ما لا تدل عليه المقدمات الحاضرة، فيغلطون في تأويلها.
- ومنها ما جعلهم عصرنا الحاضر، ومخترعاته يفهمونها فَهْمَا عاديا وهي خوارق.
- ومنها ما هو دليلٌ على الخيرية يظنونه مذمومًا.
فمثلًا: يَظُنُّ الناس أن الدين إلى انحسارٍ حتى خروج المهدي، مع أن المهدي قبل عيسى بقليل، وقبل ذلك يعم الإسلام العالم، وتفتح روما (¬2)،
¬__________
(¬1) نقله عنه المناوي في "الفيض" (566/ 2).
(¬2) يشير إلى ما رواه الإمام أحمد (2/ 176)، والدرامي (1/ 126)، والحاكم (3/ 422)، (508/ 4)، وصححه، ووافقه الذهبي عن أبي قبيل، قال: "كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وسئل: "أي المدينتين تفتح أوَلَا: القسطنطينية أو رومية؟ "، فدعا عبد الله بصندوق له حِلَق، قال: فأخرج منه كتابَا، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نكتب؛ إذ سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أي المدينتين تُفتح أولًا: أقسطنطينية أو رومية؟ "، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَدِينَة هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا"؛ يعني "قسطنطينية". و"رومية": هي "روما" عا صمة إيطاليا، و"قسطنطينية" هي "بيزنطة" و"إسطنبول". والحديث صححه الألبإني في "الصحيحة" رقم (4).

الصفحة 267