كتاب فقه أشراط الساعة

وعن أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» (¬1)، وهو ظاهر في أن التوكل يكون مع السعي، لأنه ذكر للطير عملًا، وهو الذهاب صباحًا في طلب الرزق، وهي فارغة البطون، والرجوع وهي ممتلئتها.
قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: "ليس في الحديث دلالة على القعود عن الكسب، بل فيه ما يدل على طلب الرزق؛ لأن الطير إذا غدت فإنما تغدو لطلب الرزق" (¬2).
وقيل للإمام أحمد -أيضًا-: ما تقول فيمن جلس في بيته ومسجده، وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتي رزقي؟ فقال أحمد: هذا رجلُ جَهِل العلم، أما سمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي" (¬3)؟!
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» (¬4).
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد (1/ 30، 52)، والترمذي رقم (2344) (4/ 573)، وقال: "حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وابن ماجه رقم (4164) (2/ 1394)، والحاكم في "المستدرك" (4/ 381)، وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 69).
(¬2) "شعب الإيمان" (2/ 66، 67).
(¬3) رواه البخاري رقم (4/ 40).
(¬4) أخرجه البخاري (3/ 335 - سلفية)، ومسلم (2/ 721).

الصفحة 303