كتاب فقه أشراط الساعة

هذا؛ فإن الإسلام فيه غريب بمعنى الكلمة، وسيظل كذلك، بل ستزداد غربته إلى أن يأتي المهدي، فيُظهر الإسلام، ويحيي العدل، وتَزُولُ الفتن والإحن بين المسلمين، ويبقى الحال كذلك مدة المهدي، ومدة عيسى عليه السلام (¬1)، ثم بعد ذلك تأتي ريحٌ طيبة تأخُذ نَفْسَ كل مؤمن (3)،
¬__________
(¬1) ومما يدل على أن زمن المهدي سيعم فيه الخير بكل أنواعه: ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم، لطوَّل الله ذلك اليوم، حتى يُبعث فيه رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا" رواه أبو داود (4282)، والترمذي (2231)، وقال: "حسن صحيح "، وانظر: "المهدي" للمؤلف ص (41). وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يَسقيه الله الغيث، وتُخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحًا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا -يعني: حِجَّةَ" رواه الحاكم في "المستدرك" (4/ 557)، وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "هذا سند صحيح، رجاله ثقات" كما في "الصحيحة" رقم (711).
لكن هذا الخير ستشوبه أخطر فتنة في تاريخ البشرية، وهي فتنة الدجال، كما أن الخير في عهد المسيح -عليه السلام- سيزاحمه شر يأجوج ومأجوج.
(كما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ... ثم يبعث الله ريحًا طيبة فَتَوَفَّى كلً من في قلبه مثقال حبةِ خردلٍ من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم" رواه مسلم رقم (2907).
وفي "المسند" عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شَريطته من أهل الأرض، فيبقى فيها عَجاج، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا" رواه الإمام أحمد رقم (6964)، والحاكم في "المستدرك" رقم (8341)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين، إن كان الحسن سمعه من عبد الله بن عمرو، وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 1): "رواه أحمد مرفوعَا وموقوفًا، ورجالهما رجال الصحيح ". اهـ. =

الصفحة 329