كتاب فقه أشراط الساعة

بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)} [التوبة: 33].
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: "لَيُظهِرن الله دينَه على الأديان حتى لا يُدانَ اللهُ إلا به، وذلك متى شاء الله تعالى" (¬1).
والظهور بهذا المعنى الذي أورده الشافعي -وهو الظهور الحقيقي- هو وجه من عدة أوجه فسره بها العلماء -ومنهم الشافعي-، ويقوِّيه عدد من الأحاديث التي سنوردها -إن شاء الله- فيما يأتي.
والقولُ بأنه -أي: الظهور المذكور في الآية- قد تحقق في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- أو بعض خلفاء بني أمية أو بني العباس أو غيرهم قولٌ بعيدٌ، فما تحقق إنما هو جزء منه فقط -كما هو معروف من التاريخ- وسوف يتحقق كاملًا في المستقبل إن شاء الله تعالى.
ومما يؤيد ذلك قولُه -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا" الحديث (¬2).
¬__________
(¬1) "أحكام القرآن للشافعي (2/ 50) دار الكتب العلمية- بيروت (1400هـ).
(¬2) صدر حديث، رواه من حديث ثوبان -رضي الله عنه- مسلم رقم (2889) في الفتن، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، والترمذي رقم (2177) في الفتن، باب ما جاء في سؤال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ثلاثًا في أمته، وأبو داود رقم (4252) في الفتن، باب ذكر الفتن ودلالتها، وانظر: جامع الأصول (11/ 317، 318).

الصفحة 340