كتاب أحاديث الطائفة الظاهرة

وروى أحمد والبزار وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن الإيمان بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى يومئذ للغرباء إذا فسد الناس).
وفي رواية لأحمد من طريق عبد الرحمن بن سنة بلفظ: (بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء قيل: يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس ... ).
فقد وصفت هذه الأحاديث الثلاثة المجتمع أو الناس بالفساد، ووصفت الإسلام بالغربة والاغتراب، ووصفت المتمسكين بالدين بأنهم غرباء وبأنهم صالحون، ولكن هذه الأوصاف لا تكفي للدلالة الواضحة على هذه الطائفة التي أشرنا إليها، إذ قد يتمسك بأحكام الشرع شخص أو بضعة أشخاص في زمن الفساد، فيطلق عليه أو عليهم صفة الغربة وصفة الصلاح، فكيف يصح القول إن الغرباء هم هذه الطائفة؟
والجواب على ذلك هو فيما رواه الترمذي وحسنه عن عمرو بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي). فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على نفي الغربة عن مجرد ناس متمسكين بأحكام الشرع في زمن الفساد إلا أن يكونوا عاملين على إصلاح ما أفسد الناس من الأفكار والأحكام الشرعية كما أشرنا إلى ذلك والمعلوم

الصفحة 47