كتاب منهج محمد بن عبد الوهاب في التأليف

بخلافه أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أَمَروا ودَعوا إليها من تقديم النصِّ على أقوالهم، من هنا يتبيَّن الفرقُ بين تقليد العالِم في كلِّ ما قال، وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه، فالأول يأخذ قوله من غير نظر فيه ولا طلب لدليله من الكتاب والسنة، بل يجعل ذلك كالحبل الذي يلقيه في عنقه ويقلده به، ولذلك سمِّي تقليداً، بخلاف مَن استعان بفهمه، واستضاء بنور علمه في الوصول إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فإنَّه يجعلهم بمنزلة الدليل إلى الدليل الأول، فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره، فمَن استدلَّ بالنجم على القبلة فإنَّه إذا شاهدها لَم يبق لاستدلاله بالنجم معنى، قال الشافعي: (أجمع الناسُ على أنَّ مَن استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدَعَها لقول أحد".

الصفحة 38