كتاب المستشرقون والتراث

، وإنْ كانت هذه المواد تافهة لا قيمة لها، ويقدمونها بعد التمويه بكل جرأة، ويبنون عليها نظرية ليس لها وجود إلاَّ في نفوسهم وأذهانهم.

إنهم في أغلب الأحيان يذكرون عيباً واحداً، ويجوِّدون لتمكينه في النفوس بذكر عشرة محاسن، ليست لها أهمية كبيرة، وذلك كي يق القارئ خاشعاً أمام سعة قلوبهم وسماحتهم، ويسيغ ذلك العيب الواحد الذي يكفي لطمس جميع المحاسن.

وكثير من هؤلاء المُسْتَشْرِقِينَ يَدُسُّونَ في كتاباتهم مقداراً خاصاً من " السُمِّ " ويحترسون في ذلك، فلا يزيد على النسبة المعينة لديهم، حتى لا يستوحش القارئ، ولا يثير ذلك فيه الحذر، ولا يضعف ثقته بنزاهة المؤلف.

إنَّ كتابات هؤلاء أشد خطراً على القارئ من كتابات المؤلفين الذين يكاشفون العداء، ويشحنون كتبهم بالكذب والافتراء، ويصعب على رجل متوسط في عقليته أنْ يخرج منها، أو ينتهي في قراءتها دون الخضوع لها» (31).
__________
(31) " الإسلام والمستشرقون " بحث ألقاه سماحته أمام المؤتمر الذي عقد بهذا الاسم (الإسلام والمستشرقون) بإشراف (دار المصنِّفين) بأعظم جره بالهند في فبراير سَنَةَ 1982 م، وكان لنا شرف المشاركة فيه: (انظر " مجلة البعث الإسلامي " رمضان سَنَةَ 1402 هـ، ص 14، 15).

الصفحة 41