كتاب شرح الصدور بتحريم رفع القبور

كُبَّاراً وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم. فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ثم عبدتهم العرب بعد ذلك، وقد حكى معنى هذا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال قوم من السلف: "إن هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمر فعبدوهم".
ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: "أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وذكرت له ما رأت فيها من الصور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله"، وأخرج ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى} قال: "كان يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره"
وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت يقول: " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك"
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة على وجهه، فإذا اغتم كشفها، فقال- وهو كذلك-: "لعنة الله على اليهود والنصارى فقد اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد- يحذر ما صنعوا".

الصفحة 12