كتاب مغازي الواقدي (اسم الجزء: 1-3)

الظّبْيَةِ أَمَرَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَ أَسَرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَمَةَ الْعَجْلَانِيّ، فَجَعَلَ عُقْبَةُ يَقُولُ: يَا وَيْلِي، عَلَامَ أُقْتَلُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مِنْ بَيْنِ مَنْ هاهنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: لِعَدَاوَتِك لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ. قَالَ: يَا مُحَمّدُ، مَنّك أَفْضَلُ، فَاجْعَلْنِي كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِي، إنْ قَتَلْتهمْ قَتَلْتنِي وَإِنْ مَنَنْت عَلَيْهِمْ مَنَنْت عَلَيّ، وَإِنْ أَخَذْت مِنْهُمْ الْفِدَاءَ كُنْت كَأَحَدِهِمْ، يَا مُحَمّدُ، مَنْ لِلصّبْيَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: النّارُ، قَدّمْهُ يَا عَاصِمُ، فَاضْرِبْ عُنُقَهُ! فَقَدّمَهُ عَاصِمٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِئْسَ الرّجُلُ كُنْت وَاَللهِ مَا عَلِمْت، كَافِرًا بِاَللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِكِتَابِهِ، مُؤْذِيًا لِنَبِيّهِ، فَأَحْمَدُ اللهَ الّذِي هُوَ قَتَلَك وَأَقَرّ عَيْنِي مِنْك! وَلَمّا نَزَلُوا سَيّرَ- شِعْبٌ بِالصّفْرَاءِ- قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَنَائِمَ بِهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ. حَدّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ مِنْ الْأُثَيْلِ، فَجَاءُوا يَوْمَ الْأَحَدِ شَدّ الضّحَى [ (1) ] ، وَفَارَقَ عَبْدُ اللهِ زَيْدًا بِالْعَقِيقِ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللهِ يُنَادِي عَلَى رَاحِلَتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَبْشِرُوا بِسَلَامَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْرِهِمْ! قُتِلَ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَابْنَا الْحَجّاجِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَقُتِلَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ذُو الْأَنْيَابِ فِي أَسْرَى كَثِيرَةٍ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيّ: فَقُمْت إلَيْهِ فَنَحَوْته فَقُلْت: أَحَقّا مَا تَقُولُ، يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟ قَالَ: إي وَاَللهِ، وَغَدًا يَقْدَمُ رَسُولُ اللهِ إنْ شَاءَ اللهُ وَمَعَهُ الْأَسْرَى مُقَرّنِينَ [ (2) ] . ثُمّ اتّبَعَ دور الأنصار
__________
[ (1) ] شد الضحى: ارتفاعه. (أساس البلاغة، ص 483) .
[ (2) ] فى ت: «مقرونين» .

الصفحة 114