كتاب مغازي الواقدي (اسم الجزء: 1-3)

ظَنَنْت أَنّهَا الْعِيرُ، وَلَوْ ظَنَنْت أَنّهُ عَدُوّ مَا تَخَلّفْت. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقْت.
وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ نُوحٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، قَالَ: لَقِيَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِتُرْبَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى سَلَامَتِك وَمَا ظَفّرَك! كُنْت يَا رَسُولَ اللهِ لَيَالِيَ خَرَجْت مَوْرُودًا [ (1) ] ، فَلَمْ يُفَارِقْنِي حَتّى كَانَ بِالْأَمْسِ فَأَقْبَلْت إلَيْك. فَقَالَ: آجَرَك الله!
وَكَانَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو لَمّا كَانَ بِشَنُوكَةَ [ (2) ] [- شَنُوكَةُ فِيمَا بَيْنَ السّقْيَا وَمَلَل-] [ (3) ] كَانَ مَعَ مَالِكِ بْنِ الدّخْشُمِ [الّذِي أَسَرَهُ] [ (4) ] فَقَالَ: خَلّ سَبِيلِي لِلْغَائِطِ. فَقَامَ بِهِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: إنّي أَحْتَشِمُ فَاسْتَأْخِرْ عَنّي! فَاسْتَأْخَرَ عَنْهُ، وَمَضَى سُهَيْلٌ عَلَى وَجْهِهِ، انْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ الْقِرَانِ [ (5) ] وَمَضَى، فَلَمّا أَبْطَأَ سُهَيْلٌ عَلَى مَالِكٍ أَقْبَلَ فَصَاحَ فِي النّاسِ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ. وَخَرَجَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِ، فَقَالَ: مَنْ وَجَدَهُ فَلْيَقْتُلْهُ! فَوَجَدَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَفَنَ نَفْسَهُ بَيْن [ (6) ] سَمُرَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُبِطَتْ يَدَاهُ إلَى عُنُقِهِ، ثُمّ قَرَنَهُ إلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَرْكَبْ خُطْوَةً حَتّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ.
فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عن جابر بن
__________
[ (1) ] قال الجوهري: الورد يوم الحمى، إذا أخذت صاحبها لوقت، تقول: وردته الحمى فهو مورود.
(الصحاح: ص 546) .
[ (2) ] فى الأصل: «بسوكة» ، وفى ح: «بتنوكة» . وما أثبتناه عن ب، والبكري. (معجم ما استعجم، ص 815) .
[ (3) ] الزيادة عن ب، ت، ح.
[ (4) ] الزيادة عن ح.
[ (5) ] القران: الحبل. (النهاية، ج 3، ص 248) .
[ (6) ] فى ب، ت: «فَوَجَدَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه بين سمرات» ، وفى ح: «أخفى نفسه بين شجرات» . والسمر، بضم الميم، اسم شجر. (القاموس المحيط، ج 2، ص 51) .

الصفحة 117