كتاب مغازي الواقدي (اسم الجزء: 1-3)

أَجَازَتْ جِبَالَ الْأَخْشَبَيْنِ [ (1) ] وَجُرّدَتْ ... حَرَائِرُ يَضْرِبْنَ التّرَائِبَ [ (2) ] حسّرا
أنشدنيه عبد اللهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ. فَاسْتَمَعُوا لِلصّوْتِ فَلَا يَرَوْنَ أَحَدًا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَلَا يَرَوْنَ أَحَدًا، فَخَرَجُوا فَزِعِينَ حَتّى جَازُوا الْحِجْرَ [ (3) ] فَوَجَدُوا مَشْيَخَةً مِنْهُمْ جِلّةً سُمّارًا، فَأَخْبَرُوهُمْ الْخَبَرَ فَقَالُوا لَهُمْ: إنْ كَانَ مَا تَقُولُونَ حَقّا، إنّ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ يُسَمّوْنَ الْحَنِيفِيّةَ- وَمَا يَعْرِفُونَ اسْمَ الْحَنِيفِيّةِ يَوْمَئِذٍ. فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ الْفِتْيَانِ الّذِينَ كَانُوا بِذِي طُوًى إلّا وُعِكَ، فَمَا مَكَثُوا إلّا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتّى قَدِمَ الْحَيْسُمَانُ بن حابس الخزاعىّ بخبر أَهْلِ بَدْر وَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، فَهُوَ يُخْبِرُهُمْ قَتْلَ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَابْنَيْ الْحَجّاجِ، وَأَبِي الْبَخْتَرِيّ، وَزَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ.
قَالَ: وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ فِي الْحِجْرِ جَالِسٌ [ (4) ] يَقُول: لَا يَعْقِلُ هَذَا شَيْئًا مِمّا يَتَكَلّمُ بِهِ، سَلُوهُ عَنّي [ (5) ] ! فَقَالُوا: صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ، لَك بِهِ عِلْمٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، ذَاكَ فِي الْحِجْرِ، وَقَدْ رَأَيْت أَبَاهُ وَأَخَاهُ مَقْتُولَيْنِ [ (6) ] . قَالَ:
وَرَأَيْت سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو أُسِرَ، وَالنّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ. قَالُوا: وَمَا يُدْرِيك؟
قَالَ: رَأَيْتهمَا مَقْرُونَيْنِ فِي الْحِبَالِ.
قَالُوا: بَلَغَ النّجَاشِيّ مَقْتَلُ قُرَيْشٍ بِمَكّةَ وَمَا ظَفّرَ اللهُ بِهِ نَبِيّهُ، فَخَرَجَ فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، ثُمّ جَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمّ دَعَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ: أَيّكُمْ يَعْرِفُ بَدْرًا؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ النّجَاشِيّ: أَنَا عَارِفٌ بها، قد
__________
[ (1) ] الأخشبان: جبلا مكّة، أبو قبيس والأحمر. (القاموس المحيط، ج 1، ص 61) .
[ (2) ] الترائب: عظام الصدر. (الصحاح، ص 91) .
[ (3) ] الحجر: حجر الكعبة، وهو ما حواه الحطيم المدار بالبيت جانب الشمال. (الصحاح، ص 623) .
[ (4) ] فى الطبري عن الواقدي: «قاعد فى الحجر» . (تاريخ الرسل والملوك، ص 1338) .
[ (5) ] فى الطبري عن الواقدي: «والله إن يعقل هذا فسلوه عنى» . (تاريخ الرسل والملوك، ص 1338) .
[ (6) ] فى الطبري عن الواقدي: «حين قتلا» . (تاريخ الرسل والملوك، ص 1338) .

الصفحة 120