كتاب مغازي الواقدي (اسم الجزء: 1-3)
وَكَانَ قَدْ صَلّى بِالدّبَةِ [ (1) ] ، ثُمّ صَلّى بِسَيَرٍ [ (2) ] ، ثُمّ صَلّى بِذَاتِ أَجْدَالٍ [ (3) ] ، ثُمّ صَلّى بِخَيْفِ عَيْنِ الْعَلَاءِ، ثُمّ صَلّى بِالْخَبِيرَتَيْنِ، ثُمّ نَظَرَ إلَى جَبَلَيْنِ فَقَالَ: مَا اسْمُ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ؟ قَالُوا: مُسْلِحٌ وَمُخْرَى [ (4) ] . فَقَالَ: مَنْ سَاكِنُهُمَا؟
قَالُوا: بَنُو النّارِ وَبَنُو حُرَاقٍ [ (5) ] . فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ الْخَبِيرَتَيْنِ فَمَضَى حَتّى قَطَعَ الْخُيُوفَ، وَجَعَلَهَا يَسَارًا حَتّى سَلَكَ فِي الْمُعْتَرِضَةِ، وَلَقِيَهُ بَسْبَسٌ وَعَدِيّ بْنُ أَبِي الزّغْبَاءِ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ.
وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادِيَ [ (6) ] بَدْرٍ عِشَاءَ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَبَعَثَ عَلِيّا وَالزّبَيْرَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وقّاص وبسبس ابن عَمْرٍو يَتَحَسّسُونَ عَلَى الْمَاءِ، وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى ظُرَيْبٍ [ (7) ] فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَجِدُوا الْخَبَرَ عِنْدَ هَذَا الْقَلِيبِ الّذِي يَلِي الظّرَيْبَ- وَالْقَلِيبُ بِئْرٌ بِأَصْلِ الظّرَيْبِ، وَالظّرَيْبُ جَبَلٌ صَغِيرٌ. فَانْدَفَعُوا تِلْقَاءَ الظّرَيْبِ فَيَجِدُونَ عَلَى تِلْكَ الْقَلِيبِ الّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَايَا قُرَيْشٍ فِيهَا سُقّاؤُهُمْ. وَلَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَفْلَتَ عَامّتُهُمْ، وَكَانَ مِمّنْ عُرِفَ أَنّهُ أَفْلَتَ عُجَيْرٌ، وَكَانَ أَوّلَ مَنْ جَاءَ قُرَيْشًا بِخَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَى فَقَالَ: يَا آلَ غَالِبٍ، هَذَا ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَخَذُوا سُقّاءَكُمْ! فَمَاجَ الْعَسْكَرُ، وَكَرِهُوا مَا جَاءَ به.
__________
[ (1) ] الدبة: بلد بين الأصافر وبدر. (معجم البلدان، ج 4، ص 34) .
[ (2) ] سير: كثيب بين المدينة وبدر. (وفاء الوفا، ج 2، ص 327) .
[ (3) ] ذات أجدال: بمضيق الصفراء كما ذكر السمهودي. (وفاء الوفا، ج 2، ص 308) .
[ (4) ] فى الأصل: «مسلخ ومخزى» ، وما أثبتناه عن سائر النسخ، وابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج 2، ص 266) .
[ (5) ] هما بطنان من بنى غفار كما ذكر ابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج 2، ص 266) .
[ (6) ] فى ت: «أدنى بدر» .
[ (7) ] فى الأصل: «ضريب» ، والتصحيح عن سائر النسخ. وهكذا ذكره ابن الأثير أيضا.
(النهاية، ج 3، ص 54) .
الصفحة 51