كتاب مغازي الواقدي (اسم الجزء: 1-3)

عَزّ وَجَلّ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ ... [ (1) ] ، إلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَآيَتَيْنِ بَعْدَهَا. فَكَتَبَ بِهَا الْمُهَاجِرُونَ إلَى مَنْ بِمَكّةَ مُسْلِمًا، فَلَمّا جَاءَهُمْ الْكِتَابُ بِمَا نَزَلَ فِيهِمْ قَالُوا:
اللهُمّ، إنّ لَك عَلَيْنَا إنْ أَفْلَتْنَا أَلّا نَعْدِلَ بِك أَحَدًا! فَخَرَجُوا الثّانِيَةَ، فَطَلَبَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكُونَ، فَأَعْجَزُوهُمْ هَرَبًا فِي الْجِبَالِ حَتّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ. وَاشْتَدّ الْبَلَاءُ عَلَى مَنْ رَدّوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبُوهُمْ وَآذَوْهُمْ، وَأَكْرَهُوهُمْ عَلَى تَرْكِ الْإِسْلَامِ. وَرَجَعَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَقَالَ لِقُرَيْشٍ: مَا كَانَ يُعَلّمُهُ إلّا ابْنُ قَمّطَةَ، عَبْدٌ نَصْرَانِيّ، قَدْ كُنْت أَكْتُبُ لَهُ فَأُحَوّلُ مَا أَرَدْت.
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ... [ (2) ] وَاَلّتِي تَلِيهَا، وَأَنْزَلَ اللهُ فِيمَنْ رَدّ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ مِمّنْ أَصَابَهُ الْبَلَاءُ: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ... [ (3) ] وَثَلَاثَ آيَاتٍ بَعْدَهَا. وَكَانَ مِمّنْ شُرِحَ صَدْرُهُ بِالْكُفْرِ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ. ثُمّ أَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي الّذِينَ فَرّوا مِنْ أَبِي سُفْيَانَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الّذِينَ صَبَرُوا عَلَى الْعَذَابِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ... [ (4) ] إلَى آخِرِ الْآيَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَهّابِ بْنُ أَبِي حَيّةَ قَالَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثّلْجِيّ قَالَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيّ قَالَ: فَحَدّثَنِي أَبُو إسْحَاقَ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: نَادَى يَوْمَئِذٍ نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ الْعَدَوِيّةِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنّ
__________
[ (1) ] سورة 29 العنكبوت 10
[ (2) ] سورة 16 النحل 103
[ (3) ] سورة 16 النحل 106
[ (4) ] سورة 16 النحل 110

الصفحة 74