قلتُ: تقدم أنّ الحكم على الحديث بالوضع غير دقيق، وهو ما يحاول ابن حجر تقريره.
ولكن قول ابن حجر: ((لكن قد تابع جريرا ليث بن أبي سليم، ولا مانع من أن يكون الحديث عن عبد الله بن حنظلة مرفوعاً وموقوفاً)).
قلتُ: أمَّا متابعة ليث فسيأتي الكلام عليها بعد الكلام على هذا الطريق وبيان أنّ هذه المتابعة لا يفرح بها.
وقوله: ((ولا مانع من أن يكون الحديث عن عبد الله بن حنظلة مرفوعاً وموقوفاً)) متعقب بكلامه هو حيثُ قَالَ - في كلامٍ له -: ((فإن قِيل: إذا كان الراوي ثقةً، فلم لا يجوز أن يكون للحديث إسنادان عند شيخه حدث بأحدهما مرة وبالآخر مرة؟ قلنا: هذا التجويز لا ننكره، لكن مبنى هذا العلم على غلبة الظن، وللحفاظ طُرُق معروفة في الرجوع إلى القرائن في مثل هذا)) (¬1).
فإذا رجعنا إلى الحفاظ نجد أنهم أعلوا رواية جرير عن أيوب عن ابن أبي مُلَيكة، ورجحوا رواية رواه بكار اليمانيّ، وابن جريج - وهو من أتقن أصحاب ابن أبي مُلَيكة -، وعبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبد الله بن حنظلة، عن كعب موقوفاً عليه، ومن هؤلاء الحفاظ: أبو القاسم البغوي، والعقيليّ، والدارقطني، والبيهقي، وهذا الترجيح ظاهر صنيع أحمد بن حنبل في مسنده كما تقدم.
وقرائن ترجيح رواية بكار اليمانيّ، وابن جريج، وعبد العزيز بن
¬_________
(¬1) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 875 - 876).