كتاب عقيدة السلف - مقدمة أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة

وسلم مَن شَفَعَ لَه مِن أهلِ الكبائِر مِن أمَّتِه.
وأنَّ اللهَ سبحانه قد خَلَقَ الجَنَّةَ فأَعَدَّها دارَ خُلُود لأوليائِه، وأكرَمهم فيها بالنَّظر إلَى وَجْهِه الكريم، وهي الَّتِي أَهْبَطَ منها آدَمَ نبِيَّه وخلِيفَتَه إلى أَرضِه بِما سَبَقَ فِي سابِق عِلمِه.
وخَلَق النَّارَ فأعَدَّها دَارَ خُلُود لِمَن كَفَرَ به، وألْحَدَ في آياتِه وكتُبه ورُسُلِه، وجَعَلَهم مَحجُوبِين عن رُؤيَتِه.
وأنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَجيءُ يَومَ القيامَةِ: {وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22]؛ لِعَرْضِ الأُمَمِ وَحِسَابِهَا وعقُوبَتِها وثَوابِها، وتُوضَعُ الموازِينُ لَوَزْنِ أَعْمَالِ العِبَادِ: {فمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأولئك هم المُفلِحون} [الأعراف:8]، ويُؤْتَوْنَ صَحائِفهم بأعمَالِهم: فمَن أُوتِي كتابَه بيمينه فسوف يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً، ومَن أُوتِي كتابَه ورَاء ظَهْرِه فأولئِك يَصْلَوْنَ سَعيراً.
وأنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ، يَجُوزُه العبادُ بِقَدْرِ أعمالِهم، فناجُون مُتفاوِتُون في سُرعَة النَّجاةِ عليه مِن نار جَهَنَّم، وقَوْمٌ أَوْبَقَتْهُمْ فيها أعمالُهم.

الصفحة 59