كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

وعلى نور من ربه، ولذلك فإنَّ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬1).

فيقول، سبحانه:
ويُعَمِّمُ الله، سبحانه، الحكم تعميماً، ويطلقه إطلاقاً، فيقول سبحانه:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬2).
ويقول تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (¬3).
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ... } (¬4).

إنَّ حب العبد لله لا يفيد ما لم يتَّخذ العبد الوسيلة الناجعة لذلك، وهذه الوسيلة هي: اتِّباع رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ولقد قال الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - في حديث قُدْسيٍّ، رواهُ الإمام البخاري: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ».

وهذه النوافل التي ذكرت في الحديث الشريف، والتي إذا أكثر الإنسان منها، بعد أداء الفرائض، أحبه الله: إنما هي سلوك رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إنها طريق رسمه، - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ - بقوله وبعمله. إنها
¬__________
(¬1) [سورة النساء، الآية: 80].
(¬2) [سورة الحشر، الآية: 7].
(¬3) [سورة النور، الآية: 54].
(¬4) [سورة آل عمران، الآية: 31].

الصفحة 19