كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

ويجعل بيعته - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - بيعة لله، فيقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬1).

وطاعة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما هي فيما افترضه الله، سبحانه أو سُنَّة، وفيما افترضه رسوله - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - أو سُنَّةٌ.

وقد تابع الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، القرآن الكريم في بيانه لمنزلة السُنَّة. ووجوب اتِّباعه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيما سَنَّهُ، فلقد حَثَّ فيما رواه أبو داود والترمذي عن زيد بن ثابت: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرُءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا، فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ».

وروي في معناه من طريق آخر: «رَحِمَ اللَّهُ امْرُءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ».

وكان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمر الصحابة أَنْ يُبَلِّغَ الشاهد منهم الغائب فيقول فيما رواه أبو بكر: «أَلاَ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ». «اَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ».
ولقد روى الحاكم والبيهقي أَنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
¬__________
(¬1) [سورة الفتح، الآية: 10]

الصفحة 25