كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

والرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبين للناس ما نزل إليهم بسلوكه، وبقوله، وبإقراراته، يقول - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ -: «مَا تَرَكْتُ شَيْئاً مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلاَّ وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلاَ تَرَكْتُ شَيْئًا - مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ - إِلاَّ وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ».

ولكن بيان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يشتمل على بيان ما أجمل في كتاب الله، وهذا الوجه كثير في السُنَّة.

يقول الإمام الشافعي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «قال تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬1).
وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬2).
وقال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (¬3).
ثم بَيَّنَ على لسان رسوله عدد ما فرض من الصلوات، ومواقيتها، وَسُنَنِهَا، وعدد ركعاتها، والزكاة ومواقيتها، وكيف عمل الحج والعمرة، وحيث يزول هذا ويثبت، وتختلف سُنَّتُهُ وتتفق، ولهذا أشباه كثيرة في القرآن والسُنَّةِ». اهـ.

وقد كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُبَيِّنُ كيفية الصلاة بقوله وعمله، كان يُبَيِّنُ أوقاتها، وأركانها، وعدد ركعاتها، وافتتاحها وترتيب حركتها بعد الافتتاح، ويقول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»
¬__________
(¬1) [سورة النساء، الآية: 103].
(¬2) [سورة البقرة، الآيات: 43، 83، 110]، [سورة النساء، الآية: 77]، [سورة النور، الآية: 56]، [سورة المزمل، الآية: 20].
(¬3) [سورة البقرة، الآية: 196].

الصفحة 28