كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

فجعل سيدنا عمر السُنَّةَ مصدرًا من مصادر التشريع.

ولقد سئل سيدنا أبو بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن ميراث الجدة فقال: «مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ أَسْأَلُ النَّاسَ»، فسألهم، فقام الْمُغِيرَةُ بْنُ شُُعْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَشَهِدَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ.

ولم يكن سيدنا عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يعلم سُنَّةَ الاستئذان حتى أخبره بها أبو موسى الأشعري - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - (¬1).

ولم يكن يعلم أن المرأة ترث من دية زوجها حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان، أمير رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، على بعض البوادي يخبره أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَرَّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَّةِ زَوْجِهَا».

ولم يكن يعلم حُكْمَ المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ».

وَلَمَّا قَدِمَ «سَرْغَ» وَبَلَغَهُ أَنَّ الطَّاعُونَ بِالشَّأْمِ، اسْتَشَارَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ الذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ الأَنْصَارَ، ثُمَّ مُسْلِمَةَ الفَتْحِ فَشَارَ عَلَيْهِ كُلٌّ بِمَا رَأَى، وَلَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ بِسُنَّةٍ، حَتَّى قَدِمَ
¬__________
(¬1) فبين له أن الاستئذان ثلاث، فإذا لم يُؤْذَنْ له انصرف.

الصفحة 31