كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

«يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ». فَقَالَ: «وَمَا لِي لا َأَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ» فَقَالَتْ المَرْأَةُ: «لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْ المُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُهُ»، فقال: «لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ (¬1) قَالَتْ: «بَلَى»، قَالَ: «فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وبعد أن يذكر الإمام الشافعي الوجوه الثلاثة:
1 - بيان السُنَّةِ للكتاب على ما في الكتاب.
2 - بيان السُنَّةِ لمجمل الكتاب.
3 - ما بَيَّنَ رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب.

يقول: «وَذَلِكَ مَا نُرِيدُ أَنْ نَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَهُوَ بَيِّنٌ فِي وُضُوحٍ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، وَأَيُّ هَذَا كَانَ، فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ أَنَّهُ فَرَضَ فِيهِ طَاعَةَ رَسُولِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ عُذْرًا بِخِلاَفِ أَمْرٍ عَرَفَهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَنْ قَدْ جَعَلَ اللهُ بِالنَّاسِ الحَاجَةََ إِلَيْهِ فِي دِينِهِمْ، وَأَقَامَ عَلَيْهِمْ حُجَّتَهُ بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللهِ مَعَانِي مَا أَرَادَ اللهُ بِفَرَائِضِهِ فِي كِتَابِهِ، لِيَعْلَمَ مَنْ عَرَفَ مِنْهَا مَا وَصَفْنَا أَنَّ سُنَّتَهُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ - إِذَا كَانَتْ سُنَّةً مُبَيِّنَةً عَنْ اللهِ مَعْنَى مَا أَرَادَ مِنْ [مَفْرُوضِهِ] فِيمَا فِيهِ كِتَابٌ يَتْلُونَهُ، وَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ [أُخْرَى]، فَهِيَ كَذَلِكَ أَيْنَ كَانَتْ، لاَ يَخْتَلِفُ حُكْمُ اللهِ ثُمَّ حُكْمُ رَسُولِهِ، بَلْ هُوَ لاَزِمٌ بِكُلِّ حَالٍ» (*).
¬__________
(¬1) [سورة الحشر، الآية: 7].
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) [" الرسالة " للإمام الشافعي، تحقيق: أحمد شاكر، 1/ 90، الطبعة الأولى: 1358 هـ - 1940 م، نشر مكتبة البابي الحلبي. مصر].

الصفحة 34