كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

لقد بدأ التشريع الإلهي ينظم حياة الفرد: عبادة ومعاملة: حياته مع نفسه، وحياته مع أُمَّتِهِ، وحياته مع الله تعالى.

لقد أخذ ينظم حياة الإنسان منذ أن يستيقظ في الصباح إلى أن ينتهي به الأمر إلى الصحو من جديد في صباح تال.
وينظم حياته في أسبوع إلى أسبوع، ومن شهر إلى شهر، ومن عام إلى عام.
وينظم حياته في ذاته، وينظم حياته في أسرته، وينظم حياته في مجتمعه.
وينظم حياة المجتمع الإسلامي كله في الكون كله.

وما كان يتأتى أن يتعرض الوحي في ذلك للتفصيلات المفصلة، ولا للجزئيات الجزئية التي لا تحد ولا تحصى، ولكنه كان يفصل تفصيلاً يشبه أن يكون تامًا في الأمور التي تكون عادة مثار النزاع، وخصوصًا الماليات: كالميراث وكتابة الدَّيْنِ مثلاً.

ويضع قواعد عامة شاملة تتضمن الجزئيات المتعددة في موضوعات أخرى، وكان لاَ بُدَّ من أن يستفيض الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البيان والشرح والتفسير.

وكان المسلمون قد ألفوا الجو الإسلامي، وألفوا الأسلوب القرآني، عرفوا مفهوم الشرك ومفهوم التوحيد، وتبينت لهم الفروق الفاصلة بين العلم والجهل، وبين الإسلام

الصفحة 40