كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

وكان يقول - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ» (*).

وكان الصحابة يتراسلون في الأحاديث: يستفسرون ويتذاكرون، فمعاوية بن أبي سفيان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، يكتب للمغيرة بن شعبة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ -، عدة مرات، يستفسر عن بعض ما يرويه المغيرةُ عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فيجيبه المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَرَّةً عما كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مثلاً يقول في ختام كل صلاة: «اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» (**).

ويجيبه مرة أخرى بأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «[كَانَ يَنْهَى] عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ» ( ... ).

ويكتب زياد بن أبي سفيان إلى السيدة عائشة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا -، يسألها عن مسائل تتعلق بالحج، ويذكر لها فتوى ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -. فتكتب له بما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله في الحج.

ويصف المرحوم الأستاذ السباعي بعض الجهود التي قام بها االصحابة لجمع الحديث فيقول في نهاية حديثه عن تلك الجهود: «فلما كان عهد عثمان سمح للصحابة أن يتفرقوا في الأمصار، واحتاج الناس إلى الصحابة وخاصة صغارهم،
¬__________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) [" جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر: ص 316، " تقييد العلم " للخطيب البغدادي: ص 96].
(**) [البخاري: " الجامع الصحيح " ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: (10) كتاب الأذان (155) بَابُ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، حديث رقم 844 (" فتح الباري ": 2/ 325، طبعة سَنَة 1379 هـ، نشر دار المعرفة بيروت - لبنان). وانظر " المسند الجامع " تأليف محمود محمد خليل: 15/ 397 حديث رقم 11746. الطبعة الأولى، 1413 هـ - 1993 م، دار الجيل للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الشركة المتحدة لتوزيع الصحف والمطبوعات، الكويت].
( ... ) انظر: [البخاري: " الجامع الصحيح " ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: (81) كتاب الرقاق (22) بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ، حديث رقم 6473 (" فتح الباري ": 11/ 306، طبعة سَنَة 1379 هـ، نشر دار المعرفة بيروت - لبنان)].

الصفحة 46