كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي عهد الصحابة الأَجِلاَّءِ.

ومن أجل زيادة الأمر وضوحًا، ومن أجل تأكيد الحقيقة في الأذهان: ننقل أيضًا رأي الأستاذ الجليل سليمان الندوي، كبير علماء مسلمي القارة الهندية هذا العصر: ننقله من كتابه النفيس " الرسالة المحمدي " وهو محاضرات ألقاها في جامعة مدراس. يقول: «وإني أكشف القناع، لأول مرة في ناديكم هذا بأن من زعم أن الأحاديث النبوية لم تُدَوَّنْ إلى مائة سَنَةٍ أو تسعين سَنَةٍ قد أخطأ، والتاريخ يعارضه».

والسبب في هذا الخطأ ظنهم أن أول كتاب في الحديث النبوي، كتاب " الموطأ " لمالك بن أنس، وأول كتاب في السيرة كتاب " المغازي " لابن إسحاق، وهذان الإمامان الجليلان كانا معاصرين، توفي الأول سَنَةَ 179 هـ. والثاني سَنَةَ 151 هـ. فاعتبروا العقود الأولى من القرن الثاني بداية تدوين الأخبار والسير.

والأمر ليس كذلك، فإن بواكير التدوين ابتدأت قبل ذلك بكثير، وقد كان أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز المتوفى سَنَةَ 101 عالمًا جليلاً، ولي إمارة المدينة ثم استخلف سَنَةَ 99 وقد عهد إلى القاضي أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - الذي كان إمامًا في الحديث والخبر - أن يبدأ في تدوين سُنَنِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأخباره، لأنه خاف على العلم أن يرفع شيئًا فشيئًا.

الصفحة 49