كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

جمعت السُنَّةُ إذن - جميعها تقريبًا - في عهد الرَّسُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعهد الصحابة.
جمعت دون ترتيب ولا تنسيق.
جمعت متفرقة متناثرة، يكتب هذا الحديث والحديثين، ويكتب الآخر المائة والمائتين، ويزيد الثالث عن ذلك، ويملي الرابع من حفظه على الآخرين، وهكذا، وفي ذلك لم يكن لأحد اهتمام بالتنضيد أو التنسيق.

يقول الأستاذ العالم الورع المتثبت أبو الحسن الندوي في كتابه " رجال الفكر والدعوة " ما يلي:
وإذا اجتمعت هذه الصحف والمجاميع، وما احتوت عليه من الأحاديث، كونت العدد الأكبر من الأحاديث التي جمعت في الجوامع والمسانيد والسنن في القرن الثالث.

وهكذا يتحقق أن المجموع الكبير الأكبر من الأحاديث سبق تدوينه وتسجيله - من غير نظام وترتيب - في عهد الرَّسُولِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي عصر الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -.

ويتحدث الأستاذ أبو الحسن الندوي عن الوهم الشائع بين الناس من أن السُنَّةَ لم تُدَوَّنْ إلا في القرن الثالث، ويعلل هذا الوهم تعليلاً منطقيًّا فيقول:
وقد شاع في الناس - حتى المثقفين والمؤلفين - أن الحديث لم يكتب ولم يسجل إلا في القرن الثالث الهجري،

الصفحة 57