كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

وأحسنهم حالاً من يرى أنه قد كتب ودوّن في القرن الثاني.

وما نشأ ذلك الغلط إلاَّ عن طريقتين:
الأولى: أنَّ عامة المؤرِّخين يقتصرون على ذكر مدوِّني الحديث في القرن الثاني، ولا يعنون بذكر هذه الصحف والمجاميع التي كتبت في القرن الأول، لأنَّ عامتها فقدت وضاعت مع أنها اندمجت وذابت في المؤلفات المتأخرة.
الثانية: أنَّ المحدثين يذكرون عدد الأحاديث الضخم الهائل الذي لا يتصوَّر أنْ يكون قد جاء في هذه المجاميع الصغيرة التي كتبت من القرن الأول، مع أنَّ عدد الأحاديث الصحاح غير المتكررة المتجردة من المتابعات والشواهد لا يزال قليلاً.

وقد نبَّه على ذلك العلاَّمة، مناظر أحسن الكيلاني رئيس القسم الديني سابقاً في الجامعة العثمانية بحيدر آباد في كتابه العظيم " تدوين الحديث " يقول - رَحِمَهُ اللهُ -: «وقد يتعجَّب الإنسان من ضخامة عدد الأحاديث المروية فيقال: إنَّ أحمد بن حنبل كان يحفظ أكثر من سبعمائة ألف حديث.
وكذلك يقال عن أبي زُرعة.

ويروى عن الإمام البخاري أنه كان يحفظ مائتي ألف من الأحاديث الصحيحة.

ويُروى عن مسلم أنه قال: " جمعت كتابي من ثلاثمائة ألف حديث ". ولا يعرف كثير من المتعلمين - فضلاً عن

الصفحة 58