كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

عَنْهُ وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَيُحِبُّهُ وَيَكْرَهُهُ، وَيُشَرِّعُهُ لِلأُمَّةِ، بحيث كَأَنَّهُ مُخَالِطٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَاحِدٍ مِنَ أَصَحَابِهِ.
فَمِثْلُ هَذَا يَعْرِفُ مِنْ أَحْوَالِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَدْيِهِ وَكَلامِهِ، وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ [بِهِ]، وَمَا لا يَجُوزُ مَا لا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ.
وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مُتَّبِعٍ مَعَ مَتْبُوعِهِ، فَإِنَّ لِلأَخَصِّ بِهِ، الْحَرِيصِ عَلَى تَتَبُّعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مِنَ الْعِلْمِ بِهَا، وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ وَمَا لا يَصِحُّ مَا لَيْسَ لِمَنْ لا يَكُونُ كَذَلِكَ.
وَهَذَا شَأْنُ الْمُقَلِّدِينَ مَعَ أَئِمَّتِهِمْ: يَعْرِفُونَ أَقْوَالَهُمْ وَنُصُوصَهُمْ وَمَذَاهِبَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وفي هذه الطريقة أيضًًا يقول ابن دقيق العيد: «وَكثيرا ما يحكمون بذلك (أي بالوضع) باعتبار يرجع إلى المروي وألفاظ الحديث، وحاصله أنها حصلت لهم بكثرة محاولة ألفاظ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هيئة نفسانية وملكة يعرفون بها ما يجوز أن يكون من ألفاظه».

ويقول ابن الجوزي: «الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم، وينفر منه قلبه في الغالب».

3 - وأنه لمن المعروف أن عناية سلفنا الصالح لم تكن موجهة إلى جمع الحديث وتدوينه فحسب، وإنما تعدت

الصفحة 67