كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

«إنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ».
ومن قال: «ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ».
وخذ أي خلق كريم تتمنى أن يسير عليه المجتمع: فستجد في السُنَّة دعوة إليه، بوسيلة أو بأخرى، وبثالثة.
وهي في هذه الدعوة تنبه دائماً إلى دور الأمَّة الإسلامية في الأخلاق العالمية: أنَّ دورها: إنما هو الرائدة الراعية وعلى الرائد دائماً أن يكون المثل الأعلى، والأسوة الكريمة، والقدوة الصالحة.

ولقد كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الصورة الحية الناطقة التي طبقت كمبادئ إنسانية ممكنة الخلق الذي رسمه الله وأحبه للإنسانية جمعاء، والذي عبرت عنه السُنَّة أجمل تعبير وأبلغه.

ومن أجل هذا التقدير الكريم للسنة الشريفة كان العلماء المستنيرون في كل عصر: يجاهدون من أجلها، ومن أجل مكارم الأخلاق التي تعبر عنها، وكان هؤلاء العلماء - علماء السُنَّة - يعرفون بسيماهم: فقد كانوا من الزهد في حطام الدنيا: بحيث لا ينازعون الناس في دنياهم: لقد كانوا مشغولين عن الجاه بغرس الخلق الصالح الكريم، وكانوا مشغولين عن السلطان بمن بيده السلطان يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء: مالك الملك ذي الجلال والإكرام.

الصفحة 7