كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

ومنهم الصدوق في روايته، الورع في دينه، [الثبت] الذي يهم أحيانًا وقد قبله الجهابذة النقاد - فهذا يحتج بحديثه أيضًا.
ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط - فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب. ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام.

ومنهم من قد ألصق نفسه بهم ودلسها بينهم - ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب، فهذا يترك حديثه ويطرح روايته ويسقط ولا يشتغل به». اهـ.

لقد كان هؤلاء الجهابذة في سبيل الدين يبدون آراءهم في أمس الناس بهم، نصيحة للمسلمين، وتقوى منهم، فَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ كَمَا فِي مُقَدِّمَةِ " صَحِيحِ مُسْلِمٍ ": «لاَ تَأْخُذُوا عَنْ أَخِي» (*). وَيَسْأَلُ عَلِي بْنُ الْمَدِينِيِّ سُئِلَ عَنْ أَبِيهِ، فَقَالَ: «سَلُوا عَنْهُ غَيْرِي» (**).
فيعيدون السؤال من جديد، فَيُطْرِقُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: «هُوَ الدِّينُ، إِنَّهُ ضَعِيفٌ» ( ... ).

وكان أمر وكيع بن الجراح طريفًا، فقد كان أبوه رجلاً صالحًا، لا مأخذ عليه، غير أنه كان على بيت المال، ومن
¬__________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي " للسخاوي، تحقيق علي حسين علي: 4/ 356، الطبعة الأولى: 1424 هـ - 2003 م، نشر مكتبة السنة - مصر.
(**) المصدر السابق: 4/ 356.
( ... ) المصدر السابق: 4/ 356.

الصفحة 73