كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

أجل وظيفته هذه كان ابنه - إذا روى عنه - يقرن معه آخر.

لقد كان سلفنا - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - يعنون بالإسناد عناية فائقة، حتى لقد وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «الإِسْنَادُ سِلاَحُ الْمُؤْمِنِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِلاَحٌ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يُقَاتِلُ» (¬1).

ويفسر الدكتور ناصر الدين الأسد العناية بالإسناد تفسيرًا صادقًا فيقول ص 226 من كتابه النفيس " مصادر الشعر الجاهلي ": ويبدو لنا أن مرد التزام الإسناد المتصل في رواية الحديث إلى أمرين: أمر داخلي، وآخر خارجي. أما الداخلي فمبعثه من نفس الراوي، ومصدره شعوره بالتحرج الديني، وذلك أنه ينقل كلامًا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال في حديثه المشهور: «مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
في الإسناد المتصل ما يجعل المحدث يطمئن إلى أن غيره من شيوخه وشيوخ شيوخه ثم التابعين والصحابة، يشتركون معه في تحمل تبعة هذا الحديث ونقله، وأنه لا
¬__________
(¬1) انظر كتاب " السنة قبل التدوين " [للدكتور محمد عجاج الخطيب]: ص 223.

الصفحة 74