كتاب السنة ومكانتها من التشريع لعبد الحليم محمود

لا يستقل وحده بحمل هذا العبء، وأن تبعته لا تعدو النقل الأمين لما سمعه عن شيخ ثقة ثبت.
وأما الأمر الخارجي فمرجعه إلى سامعي الحديث من المحدث، وذلك أن الحديث يتضمن جزءًا كبيرًا من السنة، أو هو السنة كلها، وهو من أجل ذلك مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، بل إنه هو المصدر الثاني الذي يتلو في القيمة كتاب الله، ولذلك كان من التدقيق والتحقيق، ومما يبعث الطمأنينة في نفوس السامعين ويوحي إليهم بالثقة في حديث المحدث أن يصل بين عصره وعصر الرسول الكريم بسلسلة متصلة من الرواة المحدثين كلهم يشهد أنه سمعه ممن قبله حتى يصل الإسناد إلى [الصحابي] فالرسول.
(" مصادر الشعر الجاهلي ": ص 258، 259. اهـ. (*).

ودخل في هذا الباب - باب الإسناد - نقد الرواة، وتصنيفهم إلى فئات يأخذون من بعضها ويتوقفون عن البعض، ويعلنون على ملأ من الناس كذب البعض، وكان لهم في هذا المجال شعور مرهف، أو شعور مترف إذا أمكن هذا التعبير.

يقول الإمام مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «لاَ يُؤْخَذُ العِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةٍ: رَجُلٌ مُعْلِنٌ [بِالسَّفَهِ] وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ
¬__________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) " مصادر الشعر الجاهلي " الدكتور ناصر الدين الأسد، ص 258، 259، الطبعة الخامسة 1978، نشر دار المعارف بمصر.

الصفحة 75